|
...
Hespress
Hespress
1 week ago

قائد الجيش الجزائري يوجه البوصلة نحو الصين لخسارة صفقة سياسية بنكهة الأسلحة

قائد الجيش الجزائري يوجه البوصلة نحو الصين لخسارة صفقة سياسية بنكهة الأسلحة

عكس المعتاد، وجه السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، بوصلته العسكرية في اتجاه الصين التي حطت طائرته بأراضيها نهاية الأسبوع الماضي، في زيارة تستمر لأيام، حيث التقى بعدد من المسؤولين العسكريين الصينين من أجل “تعزيز أواصر الصداقة والتعاون بين الجيش الوطني الشعبي الجزائري وجيش التحرير الشعبي الصيني، والتباحث حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، وكذا بحث السبل الكفيلة بتعزيز علاقات التعاون العسكري بين البلدين”، حسبما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الجزائرية.

زيارة تهدف ظاهريا إلى تعزيز التعاون العسكري مع الصين والبحث عن شركاء جدد بدلا عن روسيا التي لم تستطع الوفاء بالتزاماتها العسكرية مع الجزائر وبصفقات الأسلحة التي أبرمت معها بسبب استنزاف الجبهة الأوكرانية مخازن السلاح الروسي، خاصة وأن موسكو جرحت مشاعر النظام الجزائري لما أرجع وزير خارجيتها سبب عدم قبول انضمام دول بحجم الجزائر إلى منظمة “بريكس” إلى “وزن وهيبة الدولة” في وقت راهن فيه قصر المرادية على هذا الانضمام ودفع أموالا طائلة من أجل ذلك.

ولأن التحركات الجزائرية دائما ما تكون محكومة بأسباب ومسببات، فإن هذه الزيارة تطرح تساؤلات عديدة حول رهاناتها وعلاقتها بالملفات الإقليمية الكبرى التي تعد الجزائر طرفا فيها، على رأسها ملف الصحراء المغربية، فيما سجل متتبعون أن هذه الزيارة تنطوي، بالإضافة إلى الرهان العسكري المرتبط بالحصول على العتاد، على رهانات أخرى كامتداد لسياسية الصفقات مقابل المواقف التي تنتهجها الجزائر رغم فشلها في استمالة عدد من الدول لصالح أطروحتها.

بديل عن موسكو وأخطاء متكررة

وليد كبير، صحافي جزائري معارض، قال إن “زيارة قائد الجيش الجزائري إلى الصين تأتي في سياق إحساس النظام العسكري بنوع من الخيبة تجاه حلفائه التقليديين، خاصة الروس الذين لم يستطيعوا الالتزام بتصدير الأسلحة إلى الجزائر بسبب الحرب في أوكرانيا. وبالتالي، فإن شنقريحة يبحث عن شركاء جدد للحصول على الأسلحة، خاصة وأن ميزانية الدفاع للعام الماضي لم يستهلك منها إلا الثلث بسبب غياب المصدّرين”.

وأشار كبير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “النظام الجزائري لا يستطيع الحصول على الأسلحة من الدول الغربية؛ لأن المعسكر الغربي لا يثق في الجزائر ولا ينظر بعين الرضا إلى توجهاتها السياسية والعسكرية التي تميل صوب المعسكر الشرقي. وبالتالي، فإن شنقريحة إنما يراهن على الصين عسكريا لإيجاد بدائل عن موسكو التي غرقت في وحل الحرب في أوكرانيا”.

واعتبر المتحدث ذاته أنه “بالإضافة إلى هذا الرهان العسكري، فإن النظام يراهن على هذه الزيارة سياسيا أيضا من خلال محاولة استمالة مواقف بكين بشأن قضية الصحراء المغربية بعدما فشل في ذلك مع روسيا وإيطاليا وإسبانيا”، لافتا إلى أن “الجزائر تحاول التقرب إلى الصين من أجل تشكيل جبهة معادية للمغرب داخل مجلس الأمن الدولي الذي تتولى فيه الجزائر العضوية غير الدائمة ابتداء من العام المقبل”.

وسجل كبير أن “استعمال الجزائر ورقة الصفقات مع الصين ستفشل كما فشلت المحاولات السابقة، ذلك أن بكين لا يمكن أن تفرط في شراكاتها المتميزة مع المغرب مقابل بضع مليارات دولار، ثم إن الرباط تدعم هي الأخرى وحدة الأراضي الصينية”، مضيفا أن “الصين ليست تلك الدولة التي يمكن لشنقريحة أن يغير موقفها من الوحدة الترابية للمملكة بين عشية وضحاها، وبالتالي فالجزائر ستخسر مرة أخرى هذا الرهان السياسي وسيعود شنقريحة بخفي حنين من الصين”.

وتفاعلا مع سؤال حول سر إصرار الجزائر على انتهاج سياسة الصفقات مقابل المواقف رغم ثبوت فشلها مع عدد من الدول، أورد المتحدث عينه أن “هذا الإصرار دليل على غياب أي فكر سياسي واستراتيجي لدى النخب الحاكمة في الجزائر مقابل طغيان المنطق العسكري”، موضحا أن “مثل هذه الأخطاء كررها النظام منذ عقود وما زال يكررها، إذ يراهن على هذه الورقة لأن حكام الجزائر لا يعرفون ماذا يريدون ويرفضون الإجابة عن سؤال واحد ألا وهو: لماذا يقفون ضد المغرب في ملف الصحراء ويعادونه في السر والعلن ويخسرون المليارات لتكريس هذا العداء؟”.

وأضاف الصحافي الجزائري المعارض أن “العداء للرباط يضمن أولا للنظام الجزائري ديمومته واستمراره من جهة، ويغطي به عن الملف الحقيقي المتعلق بالحدود وبالأراضي التاريخية للمملكة المغربية التي اقتطعتها فرنسا من المغرب وضمتها للجزائر الفرنسية”.

عقل سياسي قاصر ورهان فاشل

من جهته، قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “مرتكزات تطور السياسة الدولية لم تصل بعد إلى العقل السياسي للدولة الجزائرية؛ ذلك أن المنطق العسكري الذي يحكم به النظام في الجزائر لا يزال يعتمد على الخلط بين مفهوم المقايضة وبين المصالح المشتركة”.

وأضاف بركنان، في تصريح لهسبريس، أن “الصين تحدد موقفها السياسي من القضايا الدولية بمنظور اقتصادي محض، وتدافع عن هذه القضايا كلما كان هناك تهديد لوجودها الاقتصادي، ولا تدخل في حساباتها منطق المقايضة التي لا يزال يعتمدها النظام العسكري الجزائري من خلال منطق الصفقات الضخمة مقابل كسب مواقف مساندة”.

وشرح المحلل السياسي أن وجود شنقريحة في الصين من أجل صفقات السلاح بعد أن خصصت الميزانية السنوية في الجزائر حوالي 22 مليار دولار للتسليح، “معناه أن الحقيبة العسكرية للدولة الجزائرية اقتنعت بأن الرهان على موسكو فقط لم يُمكنها من فك العزلة السياسية، خاصة بعد رفض انضمام الجزائر للبريكس، ولم يمكنها من تحقيق أي نوع من التقدم في سياسة العداء للمغرب في قضية وحدته الترابية لصالح البوليساريو من خلال موقف روسيا الذي عبرت عنه في مجلس الأمن والذي فسر بأنه موقف لصالح المغرب”.

وخلص المتحدث لهسبريس إلى أن “محور الجزائر-بكين باعتباره الرهان الجديد للنظام العسكري الجزائري، هو رهان ينتعل حذاء الفشل لمجموعة من الأسباب؛ أهمها أن الدولة الجزائرية تتجه لهذا المحور بمنطق الصفقات مقابل المواقف السياسية المساندة للنظام العسكري، ثم إن الصين ترى في إفريقيا مستقبلها الاقتصادي الذي لا يستقيم إلا بالتعاون الاقتصادي، وليس بالمواقف السياسية من القضايا والنزاعات الخلافية التي من شأن التموقف منها أن يعطل المصالح الاقتصادية الصينية في القارة”.

The post قائد الجيش الجزائري يوجه البوصلة نحو الصين لخسارة صفقة سياسية بنكهة الأسلحة appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.