لماذا لا يفهم الرجال النساء ؟
وهل ان المرأة كائن غامض يصعب بل يستحيل فهمه؟

اتفق أغلب المختصين والمفكرين على صعوبة فهم الرجال لعالم حواء الخاص ، ولتصرفاتها وإنفعالاتها وردود أفعالها وتفكيرها وعاطفتها ، والأمر بالطبع واضح جداً . وبالطبع هذا الإشكال الفهمي له أسبابه الموضوعية الخاصة وفهم هذه الإسباب سيعود بالفائدة للطرفين وللعالم البشري بأسره .
شخصياً اؤمن بأن الرجل يتحمل النسبة الأعظم من هذه الاشكالية ، صحيح ان ظروف الرجل ساهمت في بلورة وإستفحال هذه الإشكالية، لكن ذنب الرجل أنه استسلم لهذه الظروف، غير واع لحجم الخسارات التي لحقت به وبالمرأة على حد سواء بسبب سوء الفهم وعجزه هذا .فالرجل على العموم يقضي أغلب أوقاته في عمله ومُضطر لإستخدام تفكيره وذكاءه العقلي في إنجاز عمله،، هذا من الطبيعي لأجل النجاح والمنافسة في العمل أو حتى لمجرد إنجازه ، فهو في المعتاد يستهلك أغلب نهاره وأحيانا حتى بضع ساعات من الليل في العمل ، هذا الوضع وهذه الظروف هي التي جعلت الرجل يرى ويَزِن الأمور والأحداث وفق منظوره العقلي ووفق وذكائه. وفي تعامله مع الاخرين ، اكثر مما يُبصرها بعاطفته وذكائه العاطفي ، فالذكاء العاطفي بحاجة لفهم ووعي وإحساس، كونه لغة مشاعر صادقة بديهية فطرية وليست منطقية فكرية، الذكاء العاطفي بحاجة للتأمل والتدبر الروحي، ولكي يفهم الرجل المرأة عليه أن يتحلى ويتصف بهذا النوع من الذكاء، فهو الذي يمنحه اليعد الحقيقي لواقع المرأة ، فالمرأة بأغلب حالاتها غير خاضعة للقوانين المنطقية العقلية التي يفهمها الرجل، أو حتى التي تفهمها هي، وهنا إشكالية واقعية للمرأة ايضا في فهمها وتعاملها مع بنات جنسها. هنا علينا أن تتأكد ونؤمن بأن إشكالية عدم الفهم هذه مصدر قوة للمرأة لكنه للأسف وبسبب مستوى الوعي البشري الحالي اأصبحت مصدر إشكالي وجودي .
إن قوة المراة الحقيقية تكمن في بساطتها وفطرتها وعاطفتها وفي قربها من الطبيعة، فالمرأة هي الطبيعة في ابهى تجلّياتها.
أرادت المرأة أن تُدافع عن نفسها ضد التحديات والعراقيل والقيود، ألتي وضعها الرجل كوصيّ وقَيّم عليها، لذلك لجأت المرأة لعقلها السلاح الوحيد التي تتقن استخدامه ، وهذا بالطبع على حساب عناصر قوتها الطبيعية ، ( عاطفتها، حدسها، صبرها، بصيرتها، انتباهها وفهمها) وبالمحصلة على حساب التوازن الكوني، لذلك أصبحت المرأة تعاني أكثر ، ولذلك أصبح الوجود البشري كله يعاني بسبب هذا الاختلال الحاصل في جزئه الانثوي الجمالي .
كل موجود يعاني عندما يحاول ان يقاوم سريان الطبيعة وكل موجود يبتهج ويرقص رقصته الكونية عندما يستثمر معطيات الطبيعة وينموا مع سريانها .
فما نحتاجه نحن البشر بصورة عامة هو ترويض إنفسنا وتدريبها وتنميتها على الذكاء العاطفي كما نسعى لتنميتها على الذكاء العقلي، لتتجلى من جديد فينا قوة الحياة المفقودة بسبب الإنفصال الذي يحدث بين المرإة والرجل، ولتكون علاقتنا في ما بيننا علاقات محبة وفهم وإحترام وبناء ومساعدة . أما المرأة فهي تحتاج من الرجل التعامل والتواصل معها بعواطفه وليس بعقله، عليه أن يتعامل معها بحب وحنان ورحمة وإهتمام، والتركيز على الإهتمام فالمراة التي تشعر بالإهتمام الحقيقي من قبل الرجل، تكون إمرأة ناضجة متكاملة واعية واثقة بنفسها ومتوازنة ، كون الاهتمام هو اكثر شيء يشعرها بالسلام والامتلاء الداخلي .
يصعب ان تكون هناك علاقة متوازنة وناضجة بين الرجل والمرأة، اذا لم يحدث بينهما فيها التكامل، بمعنى أن تتواصل المرأة مع الرجل بحقيقتها وبماهيتها الإنثوية وأن يتواصل الرجل مع المرأة بحقيقته وبماهيته الرجولية، فمن هنا فقط يشعر كل منها بطبيعته وحقيقته ويكونا متكاملين، كما أرادتهما أُمهما الطبيعة، وليكونا فاعلين في سياق النمو والترقي الكوني. علينا ان نُدرك بان التفاعل التكاملي بين المرأة والرجل، هو الغاية لسبب خلق الرجل بطبيعته ، ولسبب خلق المرأة بطبيعتها، ووفق قانون.. أن لا شيء يحدث من قبيل الصدفة، ولا يمكن أن يحدث سبب في الكون دون نتيجة أو غاية.