Warning (2) : Trying to access array offset on value of type bool [in /home/appsemql/geetmark.com/templates/Home/post.php, line 49]

ماذا باستطاعتك أن تكسَب في هذا العالم برمّته؟ ماذا تستطيع أن تأخذ معك؟.. اسمك؟ سمعتك؟ احترامك؟ مالَكَ؟ قوّتك؟ ثقافتك؟.. أم ماذا؟.. في الحقيقة: لا تستطيع أن تأخذ أي شيء، فكل شي سيسقط هنا، وفي تلك اللحظة ستفهم أن كل ما اقتنيته ليس لك، ذلك أن فكرة المُلكية نفسها كانت فكرة خاطئة، وبسبب تلك المُلكية: أصبحت شخصاً فاسداً.
فلكي تزداد تلك الملكية -لكي تمتلك الكثير من المال، والكثير من القوّة، وتفتح الكثير من البلدان: كنت تفعل أشياء .. حتى أنت لا يمكن أن تعتبرها صحيحة: فقد كنت تكذب، وكنت تغش. كنت تملك مئات الوجوه: فلم تكن صادقاً -ولو للحظة واحدة- تجاه أي شخصٍ، أو حتى تجاه نفسك، ولا يمكن أن تكون. كان لزاماً عليك أن تكون مخادعاً، ومحتالاً، ومدّعياً، لأن هذه الأشياء، هي التي تساعدك على النجاح في الدنيا، أما الأصالة، فلن تفيدك .. الأمانة لن تفيدك .. الصدق لن يفيدك.
فمن دون ملكيّة، ومن دون نجاح، ومن دون شهرة .. من تكون أنت؟ في الحقيقة: لا تعرف.
أنت اسمك، أنت شهرتك، أنت سمعتك، أنت قوّتك. ولكن من دون ذلك، فمن تكون؟ هكذا تصبح أنت كل هذه الممتلكات، لأنها تمنحك إحساساً زائفاً بكيانك. وهذه هي الأنا.
الأنا ليست شيئاً غامضاً، بل ظاهرة بسيطة جداً. إنك لا تعرف من أنت، وأن تعيش دون أن تعرف من أنت، لهو شيء غير معقول. إذا كنتُ لا أعرف من أنا، إذن فماذا أفعل هنا؟ وبالتالي، مهما أفعل، فسيكون بلا معنى. فالشيء الأول، والرئيسي المطلوب: هو أن أعرف من أنا؛ لعلّي أتمكن بعدها من فعل شيء يلبّي طبيعتي، ويجعلني راضياً، ويُعيدني إلى كياني. ولكن إذا لم أعرف من أنا، وفي الوقت ذاته استمر في فعل تلك الأشياء، فكيف يمكنني الوصول إلى طبيعتي التي يُفتَرَضُ أن أصل إليها، وأن أهتدي إليها؟ كنتُ أتنقّل هنا وهناك، بيد أنه لا توجد نقطة أصل إليها لأقول: "الآن وصلت. هذا هو المكان الذي كنت ابحث عنه".
إنك لا تعرف من أنت، ولهذا احتجت إلى هوية زائفة كبديل، وممتلكاتك تمنحك تلك الهويّة الزائفة.