4 weeks ago •
في المدرسة، طرق باب الفصل طالب جديد، عندما سأله المدرس من أنت؟ قال أنه تِلميذ نُقل للتو إلى هنا، اسمه شعبان، ضحِك الطلاب، لم يقل زميلنا الجديد شيء يدعو للضحك، لكن صوته الهادئ، ونبرته المتوترة، وكلماته المتقطعة، أوحت لنا بمدى عفويته، وبساطة شخصِه، وطيبة قلبه التي انعكست على ملامحه.
وفي يوم دراسي طويل وسط مناهج وكتب مملة ورتيبة، وجد الطلاب من شعبان فرصة ليُروِّحوا بها عن أنفسهم، فجسده الممتلئ، ونظارته المربعة التي تغطي وجهه، وتسريحة شعره التقليدية، وملامحه الهادئة الباسمة، تدفعهم ليسخروا منه، تبدأ الحصة، فيرميه أحدهم بعلبة عصير على رأسه، يضحك الجميع، يلتفت ويبادلهم الضحك، وكأن شيئًا لم يحدث، يقترب منه طالب مثير للمشاكل، ويناكف فيه، بينما يبقى كما هو دون ردة فعل، يسخر الآخر منه، يتلفظ بإيحاءات جارحة، يتجاوز دون أن يُبدي انزعاجًا له.
وقت الفسحة، يتزاحم الطلاب نحوه، يشكلون النِكات عليه، يطرحون الأسئلة، فينطلق بالجواب، يتدخلون أكثر في حياته، يحاولون استفزازه، ويظلُ لطيفًا وودودًا مع الجميع.
في الفصل، أي مقعد شاغر يجلس عليه، وسط دوائر الطلاب، لا مكان له بينهم، مجموعة تتفق على حضور مباراة كرة قدم، آخرون اتفقوا على الذهاب إلى السينما في نهاية الأسبوع، بعضهم أجمعوا على الوقوف أمام مدرسة الفتيات بعد نهاية اليوم الدراسي، بينما يبقى هو وحيدًا بينهم.. لا أحد.
أبله.. ساذج.. مجنون.. هكذا يتهامسون الطلاب.. كل هذا لأنه مُسالم، محب للكل.. لا يفتعل المشكلات، يبحث عن أصدقاء جدد، عندما عاد لمنزله، سأله والده.. كيف كانت مدرستك الجديدة؟ رد بسعادة.. رائعة.. الطلاب يحبونني.. ويفضلون ممازحتي.
قليلون هم، أنقياء إلى حدٍ لا يوصف، مكانهم ليس هنا، ربما ضلوا طريقهم.. جاءوا إلى حياة تُنصف الحاذق، وتعطي اللئيم، وترحب بالقوي.. أما البسيط بيننا الحالم في عالمه، ضعيفٌ.. مجنونٌ في نظرهم.. شاردًا عنهم.. وما أجملَ هكذا.. شرود.
ليتنا كُلنا مجانين، نفقد عقلنا، وتبقى مشاعرنا، فلا ذاكرة ترهقنا، ولا حياة تقتلنا بزيفها وجشعها، نخرج من سباقات الزمن، فنعيش في المطلق بلا شيء من كل هذا، نُحرر إنسانيتنا، ونطلق أحاسيسنا، قبل أن نغادر بلا ذكرى.. ما أفرحنا.. وما.. آلامنا.
Related content
اشترى رجل حمارا🦓 لأول مرة في حياته، ومن فرحته به أخذه إلى سطح بيته. وصار الرجل يدل�...
1 week ago
وقفت الراقصه "تحية كاريوكا" أمام ملك و ثلاثة رؤساء - عندما كانت ترقص فى كازينو الأو�...
1 week ago
سبحان الله ... إمرأة كانت تجمع أطفالها قبل الإفطار كل يوم في رمضان .. فتقول : يارب أعط...
3 weeks ago
من يخرج الدجاجة من الزجاجة ؟ هذه القصة رواها أحد المعلمين الأفاضل , وهو معلم للغة ا�...
4 weeks ago
قال أعرابي لامرأته: إنت طالق حتى "حين." وبعدها ندم وأراد ان يردها ؛ لكنه إحتار في تف�...
1 day ago