العشق اختياري أم اضطراري

اختلف الناس في العشق هل هو اختياري أو اضطراري خارج عن مقدور البشر ؟ فقال العلامة الامام ابن القيم ان هناك فرقة قالت هو اضطراري وليس باختياري قالوا وهو بمنزلة محبة الظمآن للماء البارد والجائع للطعام وهذا مما لا يملك.



وقد فسر كثير من السلف قوله تعالى {ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به} بالعشق ... وأن العشق من تحميل مالا يطاق ... قالوا وقد رأينا جماعة من العشاق يطوفون على من يدعو لهم أن يعافيهم الله من العشق ولو كان اختيارا لأزالوه عن نفوسهم.

وقالت فرقة أخرى بل اختياري تابع لهوى النفس وإرادتها بل هو استحكام الهوى الذي مدح الله من نهى عنه نفسه فقال تعالى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فإن الجنة هي المأوى} فمحال أن ينهى الإنسان نفسه عما لا يدخل تحت قدرته.

قالوا والعشق حركة اختيارية للنفس إلى نحو محبوبها وليس بمنزلة الحركات الاضطرارية التي لا تدخل تحت قدرة العبد قالوا وقد ذم الله سبحانه وتعالى أصحاب المحبة الفاسدة الذين يحبون من دونه أندادا ولو كانت المحبة اضطرارية لما ذموا على ذلك.
وفصل النزاع بين الفريقين أن مبادىء العشق وأسبابه اختيارية داخلة تحت التكليف فإن النظر والتفكر والتعرض للمحبة أمر اختياري فإذا أتى بالأسباب كان ترتب المسبب عليها بغير اختياره كما قيل

تولع بالعشق حتى عشق ... فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجة ... فلما تمكن منها غرق
تمنى الإقالة من ذنبه ... فلم يستطعها ولم يستطق )) روضة المحبين