يقولون: لم لم يخلقنا الإله بعدل؟
فنقول: وكيف يكون العدل برأيكم؟
فيقولوا: أي أن نخلق جميعًا سواسية متساوون لا فرق ولا تمييز بين واحد منا والآخر؟
فنقول: أي أن العدل هو المساواة! وهذا فهم ناقص لمعنى العدالة ومعنى المساواة، إلا أن لهذا حديث آخر.
فاسمعوا وأعوا آثابكم الله، دعونا نتخيل هذا العالم الذي تريدون، إننا فيه إذن متساوون في الظروف البيئية والمجتمعية والقدرات المادية، أليس كذلك؟
قالوا: بلى
قلنا: أوليست هيئتك ونوعك وجنسك وأهلك وزمنك ومكانك من هذه القدرات المادية؟
قالوا: بلى
قلنا: فكيف يكون هذا مجتمع؟! إن هذا إلا فرد واحد.
فما بالك حين أحدثك عن فلان ابن فلان من المدينة الفلانية في الزمن الفلاني وهو يعمل كذا وعمره كذا وطوله كذا.
فإن لم يتمايز فلان هذا بأي من الصفات عن خلان، فكيف يكون فلان شخصًا غير خلان؟
وإن تمايز فلان عن خلان أليس ذلك ينافي مبدأ المساواة ومن ثم يقع الظلم حسب نظرتكم أيضًا! إن الخطأ ههنا ليس في وقوع الظلم، وإنما في فهمكم الخاطئ للظلم نفسه.
إن الكثرة هي فرع التمايز، فلولا حدوث التمايز ما كانت الكثرة، وما كان ربك ظالم، فلا يسألك ويحاسبك عما أعطاك، وإنما عما فعلت بعطيته، أصلحت أم أفسدت.
فما قام الكون كله ولا خُلقت أجزاؤه إلا بعدل، فلا يكون العالم القادر الحكيم إلا عادل، فما حاجته للظلم وقد ملك كل شيء وقدر على كل شيء وعلم كل شيء فكانت إرادته الكمال.