وتمضي الحياة

"ليس هناك في هذا العالم ما يدفعني للنهوض من سريري"

هذه عبارة قالتها الكاتبة المجرية: آغوتاكريستوفا عندما فقدت شهيتها للحياة فحملت عبارتها إشارة واضحة لما تحمله بداخلها ومِن ثَمًّ توقفت عن الكتابة لرؤيتها أنه ليس ثمة من شيء يستحق بذل الجهد فتوقفت الحياة بداخلها وبالتالي توقف العطاء.

قد نظرت آغوتا للحياة نظرة مأساوية وفقدت لذة الحياة الحقيقية.

تركض الحياة خلفنا ركضًا دون توقف...وننتظر الأمل ناظرين إليه بنظرات هادئة ونحن جالسين مُنعمين لا نسعى إليه ولا نعرف أنه يحتاج إلى أيادٍ ساعية، فنظل في غفلة لا يحركنا موقف أو صدمة وعندما تحركنا تأخذ بنا نحو الهاوية وخيبة الأمل فنقف مكتوفي الأيدي لنحثُّ المعجزة أن تٌحركنا.

ومن هنا نتغافل حينها بأن الحياة كفصول العام الأربع، وتعاقب الحزن والفرح على قلوبنا كتعاقب الفصول طوال العام فإذا بنا نستقبل الفرحِ بحفاوة بالغة وما إن يطرق الحزن أبواب قلوبنا حتى نفتش عن الملجأ الذي نهرب إليه منه عوضًا عن مواجهته بكل قوة وعزيمة لنعبره بثبات وبأقل الخسائر.

إن الحياة لا تخلو من عقبات وقلق وهواجس ولا يمكن التنبؤ بأن تسير وتيرة الحياة على أمرٍ واحد، ويتطلب الأمر مِنَّا إلى نظرة عميقة للأمور وقد يحتاج إلى الكثير من الصبر والثقة بالنفسِ لنتخطى المصاعب ونعبر ذلك النفق المظلم.

وهي فترات نمرُ بِهَا. تنتهي كل فترة بما تحمله من مشاعر لتترك لنا ندباتها في القلب والروح ورغم ذلك نواصل الحياة لعل الله عز وجل جعلنا نعيش الحزن بكل ما يحمله من ندبات وأوجاع ودموع وآهات ليعوضنا بالفرح المُرتقب...لعل تلك الأيام الصعبة تجعلنا نَعي حقيقة الحياة بأنها رحلة صعبة وبكل محطة نقف عندها تترك في نفوسنا أثرًا علَّنا نتعلم جيدًا كيف نعبر الطريق سالمين؟!

وتمضي الحياة.... لذا انفُض غبار الكسل والحزن عن قلبك،

إن لكَ حاجة في هذا العالم فَقُم.

وابحث عن نفسك ولا تنتظر مَن يبحث عنكَ...

قَفْ بِنفسك ولا تنتظر مَنْ يعينك على الوقوف...