العفة عن الباذنجانة .. قصة وعبرة .. جميلة جداً
..
كان في دمشق مسجد كبير اسمه جامع التوبة ، وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال .
وكان فيه شيخ مربي عالم اسمه الشيخ سليم السيوطي .
وكان أهل الحي يثقون به ويرجعون إليه في أمور دينهم وأمور دنياهم ، وكان هناك تلميذ مضرب المثل في فقره وفي إبائه وعزة نفسه ، وكان يسكن في غرفةالمسجد .
مرّ عليه يومان لم يأكل شيئاً ، وليس عنده ما يطعمه ولا ما يشتري به طعاماً ، فلما جاء اليوم الثالث أحس كأنه مشرف على الموت ، وفكر ماذا يصنع ، فرأى أنه بلغ حدّ الإضطرار الذي يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة ، وآثر أن يسرق ما يقيم صلبه .
وكان المسجد في حيّ من الأحياء القديمة ، والبيوت فيها متلاصقة والسطوح متصلة ، يستطيع المرء أن ينتقل من أول الحي إلى آخره مشياً على السطوح ، فصعدإلى سطح المسجد وانتقل منه إلى الدار التي تليه فلمح بها نساء فغض من بصره وابتعد ونظر فرأى إلى جانبها داراً خالية وشمّ رائحة الطبخ تصدر منها ، فأحس من جوعه لما شمها كأنها مغناطيس تجذبه إليها وكانت الدور من طبقة واحدة ، فقفز قفزتين من السطح إلى الشرفة ، فصار في الدار ، وأسرع إلى المطبخ ، فكشف غطاء القدر فرأى بها باذنجاناً محشواً ، فأخذ واحدة ، ولم يبال من شدة الجوع بسخونتها ، عض منها عضة ، فما كاد يبتلعهاحتى ارتد إليه عقله ودينه وقال لنفسه : أعوذ بالله ، أنا طالب علم مقيم في المسجد ، ثم أقتحم المنازل وأسرق ما فيها ؟
وكبر عليه ما فعل ، وندم واستغفر ورد الباذنجانة ، وعاد من حيث جاء ، فنزل إلى المسجد ، وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع ، فلما انقضى الدرس وانصرف الناس ، جاءت امرأة مستترة ، ولم يكن في تلك الأيام امرأة غير مستترة فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه ، فتلفت الشيخ حوله فلم يرى غيره ، فدعاه .
وقال له : هل أنت متزوج .؟
قال : لا .
قال : هل تريد الزواج .؟
فسكت ، فقال له الشيخ : قل هل تريد الزواج .؟
قال : يا سيدي ما عندي ثمن رغيف والله ....فلماذا أتزوج .؟
قال الشيخ : إن هذه خبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذاالبلد ، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير ، وقد جاءت به معها وأشار إليه قاعداً في ركن الحلقة وقد ورثت دار زوجها ومعاشه ، وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سنة الله ورسوله ، لئلا تبقى منفردة ، فيطمع فيها الأشرار وأولاد الحرام ، فهل تريد أن تتزوج بها .؟
قال : نعم .
وسألها الشيخ : هل تقبلين به زوجاً ؟
قالت: نعم .
فدعا بعمها ودعا بشاهدين ، وعقد العقد ، ودفع المهر عن التلميذ ، وقال له : خذ بيدها ، وأخذت بيده ، فقادته إلى بيته ، فلما دخلته كشفت عن وجهها ، فرأى شباباً وجمالاً لم يتوقعه ورأى البيت هوالبيت الذي نزله ،
وسألته : هل تأكل .؟
قال : نعم .
فكشفت غطاء القدر ، فرأت الباذنجانة ..!!
فقالت : عجباً من دخل الدار فعضها .؟؟
فبكى الشاب وقص عليها الخبر ..
فقالت له : هذه ثمرة الأمانة ، عففت عن الباذنجانة الحرام ، فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال ..
يا الله ..