Hespress
أحداث السمارة والسوابق الإجرامية تمهد لتصنيف البوليساريو على قوائم الإرهاب
أثار حادث السمارة الأخير الذي راح ضحيته مواطن مغربي وجرح بسببه آخران، إثر سقوط قذائف على أحياء سكنية بالمدينة، مجموعة من التساؤلات حول إمكانية إدراج جبهة البوليساريو على قائمة الإرهاب، بعد أن اعترف قادتها بمسؤولية الميليشيات الانفصالية عن استهداف مدنيين عزل، وبالنظر إلى خطورة الفعل الذي أقدمت عليه الجبهة، المُجرم بمقتضى القانون الدولي.
وأكد “ممثل” الكيان الوهمي في الاتحاد الأوروبي علما أن الأخير لا يعترف بالتنظيم الانفصالي، في منشور له على منصة “إكس”، أن “الجبهة التي تقاتل دفاعا عن مشروعها لم تستهدف أهدافا مدنية، لكن الحرب دائما تؤدي إلى أضرار جانبية”؛ فيما علق “ممثل” البوليساريو بنيويورك على الموضوع بالقول إن “البوليساريو في حالة حرب مع المغرب منذ سنة 2020″، مسجلا أن “المغرب أيضا يستهدف المواطنين الصحراويين بالطائرات المسيرة”، في إشارة واضحة إلى مسؤولية الجبهة في الحادثة.
من جهته لم يستبعد عمر هلال، ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، تورط الجبهة الانفصالية في أحداث السمارة، بالنظر إلى صمتها عن هذا الأمر، مشيرا إلى أن كل المؤشرات تحيل على مسؤوليتها في هذا الصدد، إذ قامت بنشر بلاغ عسكري أشارت من خلاله إلى استهداف ما يسمى “الجيش الصحراوي” قطاع السمارة، في وقت تصدر وسم “البوليساريو منظمة إرهابية” منصات التواصل الاجتماعي في المغرب تزامنا مع هذا الحادث.
بندقية مأجورة وسوابق إرهابية
البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في تحليل الأزمات وتدبير المخاطر، قال إن “ميليشيا البوليساريو كبندقية إقليمية مأجورة تنفذ أجندات إيرانية في شمال إفريقيا تتقاطع مع الأهداف الجزائرية في غرب المتوسط ومنطقة الساحل من خلال هجوم السمارة الغادر”، مسجلا أن “البوليساريو تلعب في هذا الصدد دورها الوظيفي كأحد الأدوات المهددة للاستقرار الإقليمي”.
وأضاف البراق أن “استهداف المدنيين في القانون الدولي يُعتبر جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني”، مشيرا إلى أنه “يحظر الاستهداف غير المشروع للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة بموجب القوانين والمواثيق الدولية، على غرار الاتفاقيات الرابعة لجنيف، والإضافية الأولى والثانية لعام 1977، وبروتوكولات جنيف الإضافية، والعديد من القوانين والمعاهدات الأخرى”.
وزاد المتحدث شارحا: “وفقًا لهذه القوانين يجب على الأطراف المتحاربة احترام وحماية المدنيين وتجنب استهدافهم بشكل مباشر، وهذا ما لا يتوفر في هجوم السمارة، حيث قامت الميليشيا الإرهابية باستهداف أهداف مدنية وأحياء سكنية، ما أدى إلى استشهاد مدني واحد وجرح أربعة آخرين، بالإضافة إلى أضرار في البنية التحية. فيما يُعتبر استهداف المدنيين بصورة متعمدة أو تنفيذ هجمات تستهدف بشكل مباشر المناطق المدنية المأهولة بالسكان والمنشآت المدنية، مثل المستشفيات والمدارس والأحياء السكنية، جرائم حرب جسيمة”.
ولفت الخبير عينه إلى أن “شروط تصنيف ميليشيا البوليساريو إرهابية تتوفر في هذا التنظيم منذ لحظة ولادته في بداية السبعينيات، حيث قامت عناصره بالعديد من جرائم الحرب في حق المدنيين في الصحراء المغربية، من قبيل التهجير القسري والإبادة الجماعية والتعذيب والاتجار بالبشر والتنكيل بالجثث وتجنيد الأطفال في أعمال عسكرية، وغيرها من الممارسات التي وثقتها العديد من المنظمات الدولية وتقارير أممية سابقة”.
كما أوضح البراق في تصريحه لهسبريس أن “المعطيات المتوفرة اليوم تفيد بأن البوليساريو تعتبر ملاذا آمنا لعناصر القاعدة في الغرب الإسلامي وداعش في الصحراء الكبرى، وتنظيمات إرهابية أخرى تنشط في الساحل؛ كما وثقت تقارير مُحينة علاقات وطيدة بين قيادات البوليساريو وقيادات متطرفة في الساحل”، مردفا: “كما أن عناصر تنتمي إلى الجبهة الانفصالية غيرت ولاءها إلى القاعدة وداعش، كالإرهابي أبو الوليد الصحراوي، وبالتالي فإن كل هذه المؤشرات تصب في مصلحة تصنيف الجبهة كتنظيم إرهابي”.
عمل إرهابي وجهد دبلوماسي
جواد القسمي، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، قال إن “الحادث المأساوي الذي عرفته مدينة السمارة المغربية، وتبنته جماعة البوليساريو، يشكل تطورا مهما في تسلسل الأحداث، كما يمكن قراءته من العديد من الزوايا، إذ يعبر أولا عن انسداد الأفق لدى الجبهة الانفصالية ومن يدعمها، ويبرهن من جديد على أن هذه الميليشيات هدفها الوحيد هو تقويض الوحدة الترابية للمملكة المغربية وخدمة الأطماع الجيوسياسية للجزائر، ويؤكد كذلك على مسلسل الانتصارات التي حققتها الدبلوماسية المغربية، كما يعطي للمغرب حرية التصرف شرق الحزام الأمني بما يكفله القانون الدولي من حقه المشروع في الدفاع عن النفس وحماية المدنيين”.
وأضاف القسمي، في تصريح لهسبريس، أن “العمل الإرهابي الذي استهدف المدنيين بشكل مباشر يعزز المخاوف المغربية في كون المنطقة المغاربية ليست في معزل عن التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل، التي أثبتت الكثير من التقارير علاقة البوليساريو بالكثير من أحداثها”، متابعا: “كما يمكن البناء على هذا الحادث في الدفع في اتجاه تصنيف جماعة البوليساريو كمنظمة إرهابية تسعى إلى ضرب استقرار المغرب والمنطقة برمتها”، ومسجلا في الوقت ذاته أن “هذا الأمر يحتاج إلى جهد دبلوماسي كبير، إذ إن تجنيد الأطفال وتلقي تمويلات ومساعدات خارجية وزعزعة استقرار المغرب والمنطقة، واستهداف المدنيين، وهي الأعمال التي تنخرط فيها الجبهة الانفصالية، هي من الأفعال المجرمة في القانون الدولي”.
وشدد المتحدث لهسبريس على أن “تصنيف البوليساريو جماعة إرهابية يحتاج أولا إلى جهد ودعم دولي كبيرين، إذ يتطلب أولا تصنيفها كتنظيم إرهابي لدى الكثير من الدول حسب قوانينها الداخلية، وخصوصا من طرف الدول المؤثرة في المنتظم الدولي، لتبقى آخر خطوة وأهمها هي تصنيفها كذلك من طرف مجلس الأمن، المسؤول عن حفظ السلم والأمن الدوليين”، موردا أن “هذا الأمر قد يصطدم بالمسلسل الأممي لتسوية هذا الصراع حول الصحراء، وبالمسلسل الذي بدأه المغرب في هذا المسار، لكن حماقة البوليساريو قد تُسرع تصنيفها منظمة إرهابية في المستقبل”.
The post أحداث السمارة والسوابق الإجرامية تمهد لتصنيف البوليساريو على قوائم الإرهاب appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.