* كيف تخرج المحاسن من الناس السيئين؟*

تأليف: ريك برينكمان وريك كيرشنير
إنك لا تستطيع تغيير طبيعة هؤلاء الناس، لكنك تستطيع التحدث معهم بطريقة من شأنها أن تجعلهم يغيرون ما بأنفسهم.

يجب عليك أن تدير جميع الأرقام بطريقة صحيحة إذا أردت إيصال مكالمتك إلى الجهة المطلوبة، وإذا أغفلت رقما واحدا فقط فإن اتصالك بالجهة المطلوبة لا يتم.

كتابنا اليوم يهتم بدراسة أنواع الشخصيات والوسائل الأفضل في التعامل معها وتحويل الصراع إلى تعاون، وهنا لنسأل أنفسنا سؤال هل هنالك وسائل تمكننا من اخراج أفضل ما في الآخرين في الظروف الحالكة والصعبة؟

إن القدرات الإدارية والقيادية الحقيقية لأي فرد لا تظهر إلا في ظل الأزمات والمشاكل الصعبة لأن الجميع يتشابه في ظل الظروف الجيدة أو الظروف العادية، فالقدرات تظهر من خلال الإدارة الناجحة والفعالة ووضع الحلول المناسبة ، وكما قال أحد الصالحين "العافية سترت البر والفاجر، وعندما تحل المصيبة يتبين الرجال".

السلوك البشري المعتدل "الإيجابي" يتوسط بين سلوكين ألا وهما "العدوانية" و "السلبية" .. إن الاعتدال هو أحد صفات الأشخاص الطبيعيين والذين بمقدورهم التعامل والتواصل مع الآخرين بشكل جيد وبشكل يوازن ما بين العدوان وبين الإهمال وعدم المبالاة، وهنا علينا توضيح معاني تلك السلوكيات، فالسلوك المعتدل "الإيجابي"، يدرك الفرد فيه أن حقوقه وآرائه ومشاعره ليسـت أقل أو أكثر أهمية من تلك التي تخص الآخرين، وأنها تتساوى معها في الأهمية، أما السلوك العدواني ففيه يقيم الفرد نفسه على أنها أكثير أهمية من الآخرين ودائمًا ما يستبد برأيه وحقوقه على حساب حقوق الآخرين، وفي السلوك السلبي يقيم الفرد نفسه على أنها أقل أهمية من الآخرين ويتنازل عن حقوقه وآرائه ومشاعره دائمًا أمام حقوق الآخرين.

من خلال ما مر نجد أن ردود الأفعال لدى الأفراد تتباين اتجاه التعامل مع المواقف والأزمات والمشاكل، فالشخص السلبي عادة ما يصاب بالقلق والإحباط واليأس والانطواء عند مواجهته لأبسط موقف، في حين نجد أن الشخص الإيجابي يتعامل بطريقة يعتبر فيها أن المشاكل والأزمات هي فرص للتغيير ولتعديل مساراته وطرق تعامله مع الآخرين والتي ربما تكون خاطئة أو لم تعد مناسبة وبالتالي فأنها تؤثر على سلوكهم وتجعلهم يتصرفون معه بهذا الشكل، وعلينا هنا أن لا ننسى تأثير الضغوط المحيطة بأي شخص والتي قد تؤثر على طريقة تعامله مع الآخرين وتغير سلوكه، فقد تجده هادئاً ولكن تأثير ضغط واحد يجعله عصبياً يصرخ ويتشاجر.

لا شك أن كل شخص طبيعي يسعى إلى بناء علاقات مع الآخرين من خلال التواصل معهم وهذا لا يتم إلا من خلال فهم الآخرين والتآلف معهم وهذا يحتاج إلى مسايرة ومجاراة ثم قيادة، كذلك فإن الإنسان يحب أن يحصل على ثناء ومدح الآخرين ونيل إعجابهم، وهذا لن يتم إلا بسلوكيات يتصف بها تدل على خلقه العالي واتزانه وسيطرته على نفسه، ولكن هل الكل سواء حين يمرون بالمشاكل والأزمات؟ .. من المؤكد لا، فالبعض تخرج الضغوط التي يتعرضون لها أسوأ ما فيهم وتحولهم لأنماط سلوكية يصعب التعامل معها.

ستصادفك في كل مجالات الحياة مثل هذه الشخصيات والتي يصعب التعامل معها والتي تكون عادة صعبة المراس، ماذا ستفعل معها؟ .. ستكون أمام ثلاث حلول:

الحل الأول: هو أن ترضى بالأمر الواقع وعدم فعل أي شيء من خلال تأقلمك مع هذه الشخصية وهذا الأمر فيه شيء من الخطورة كونه يسبب لك ضغطاً دائماً يؤثر على حالتك الانفعالية ويؤثر على نفسيتك وقد ينقلك من الاتزان والسيطرة إلى فقدان الاتزان أو الانفلات بسبب تراكم اليأس والاحباط الذي تعيشه وقد يؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها "حل سلبي" .. أي أنك لا تستطيع أن تتحمل الوضع الذي أنت فيه، وهنا ستقوم بالبحث عن حل آخر.

الحل الثاني: هو الهروب من مواجهة هذه الشخصية كونك متيقن بأنك سوف لن تجد حلاً آخر وتعتبر التعامل مع مثل هذه الشخصية أمراً ميؤوساً منه، هل تعتقد أن الهروب هو الحل المعقول؟، وهل باستطاعتك دائماً الهروب؟.

الحل الثالث: هو أن تمتلك المهارات والأساليب التي تستطيع بها التعامل مع أي شخصية صعبة المراس وأن تنظر لها نظرة مختلفة تتمثل في فهمها والبحث عن المؤثرات والدوافع التي تقودها لتلك السلوكيات، كذلك مراجعة أنفسنا وطرق تعاملنا والتي قد تكون هي السبب في جعل الآخر يتصرف تصرفات سلوكية عدوانية اتجاهنا، ما علينا هنا إلا أن نتغير وهذا قد يغير طريقة تعامل الآخرين معنا، ومن الضروري أيضاً التعرف على أنماط هذه الشخصيات والطرق الأفضل في التعامل معها والتي حتماً سنواجهها بشكل يومي في حياتنا.

هناك قاعدة مهمة عادة ما تكون مفتاح للتعامل مع الشخصيات الصعبة ألا وهي قاعدة "نعم، ولكن ....."، مثل: "نعم كلامك فيه الكثير من الصحة ولكن أنا متيقن لو أنك أشرت إلى جوهر الموضوع ومن زاوية أخرى لكانت النتيجة افضل .